الآية:
{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً ءَامِنَاً وَارْزُقْ أهْلَهُ مِنَ الَّثمَرَتِ مَنْ ءَامَنَ مِنْهُم بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاَْخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}( 126 )
التّفسير
إبراهيم يدعو ربّه
في هذه الآية توجّه إبراهيم إلى ربّه بطلبين هامين لسكنة هذه الأرض المقدسة ،أشرنا إلى أحدهما في الآية السّابقة .القرآن يذكّر بما قاله إبراهيم:{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً} .
وكما ذكرنا في الآية السابقة ،استجاب الله لدعاء إبراهيم ،وجعل هذه الأرض المقدسة مركزاً آمناً بالمعنى الواسع لكلمة الأمن .
والطلب الآخر هو:{ وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الَّثمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ} .
وهكذا يطلب إبراهيم «الأمن » أوّلا ،ثم «المواهب الاقتصادية » ،إشارة إلى أنّ الإِقتصاد السالم لا يتحقق إلاّ بعد الأمن الكامل .
وللمفسرين آراء عديدة في معنى «الثّمرات » ،ويبدو أن معناها واسع يشمل النعم المادية والنعم المعنوية .وعن الإِمام الصادق ( عليه السلام ): «هِيَ ثَمَرَاتُ الْقُلُوبِ » إِشارة إلى جعل قلوب النّاس تهوي إلى هذه الأرض .
إبراهيم في دعائه إقتصر على المؤمنين بالله واليوم الآخر ،ولعل ذلك كان بعد أن قال له الله سبحانه:{ لاَ يَنَالُ عَهْدِيَ الظَّالِمِينَ} ففهم أن مجموعة من ذريّته سيسلكون طريق الشرك والظلم ،فاستثناهم في دعائه .
والله سبحانه استجاب لإِبراهيم طلبه الثاني أيضاً ،ولكنه{قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَليِلا} فِي الدُّنْيا ،{ثُمَّ اضْطَرُّهُ إِلى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} في الحياة الآخرة .
هذه في الواقع صفة «الرحمانية » وهي الرحمة العامة للباري تعالى التي تشمل كل المخلوقات ،صالحهم وطالحهم في الدنيا .أما الآخرة فهي عالم رحمته الخاصة التي لا ينالها إلاّ من آمن وعمل صالحاً .