الآيات:
{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( 127 ) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ( 128 ) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَبَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . ( 129 )
التّفسير:
إبراهيم يبني الكعبة:
نفهم بوضوح من خلال آيات الذكر الحكيم أن بيت الكعبة كان موجوداً قبل إبراهيم ،وكان قائماً منذ زمن آدم .تتحدث الآية 37 من سورة إبراهيم عن لسان إبراهيم تقول:{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَاد غَيْرِ ذِي زَرْع عِنْدَ بَيْتِكَ الُْمحَرَّمِ} .
وهذه الآية تدل على أن بيت الكعبة كان له نوع من الوجود حين جاء إبراهيم مع زوجه وابنه الرضيع إلى مكة .
وتقول الآية 96 من سورة آل عمران:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْت وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً} .ومن المؤكد أن عبادة الله وإقامة أماكن العبادة لم تبدأ في زمن إبراهيم ،بل كانتا منذ أن خلق الإنسان على ظهر هذه الأرض .
عبارة الآية الأولى من الآيات محل البحث يؤكد هذا المعنى ،إذ تقول:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
فإبراهيم وإسماعيل قد رفعا قواعد البيت التي كانت موجودة .
وفي خطبة للإِمام أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) في نهج البلاغة ،وهي المسماة بالقاصعة ،يقول: «أَلاَ تَرَوْنَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ اختبر الأولين مِنْ لَدُنْ آدَمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ إِلَى الآخرين مِنْ هذَا الْعَالَم بِأَحْجَار ...فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ ...ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ ( عليه السلام ) وَوَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ{[200]} ...»{[201]} .
القرائن القرآنية والروائية تؤيد أن الكعبة بنيت أوّلا بيد آدم ،ثم انهدمت في طوفان نوح ،ثم أُعيد بناؤها على يد إبراهيم وإسماعيل{[202]} .
/خ129