{ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} فهو الحقيقة الوحيدة المطلقة التي امتد الكون من قدرتها وعاش نظامه بحكمتها ،وليس لأحد معه أيّة قدرةٍ أو سلطة ،فهو صاحب الأمر كله ،وكل موجود مخلوق له ،وكل نعمةٍ منه ،وكل حركةٍ بإرادته ،هو مرجع الكون كله ،وكل شيء هالك إلا وجهه ..وبذلك كان الحق منطلقاً من سرّ وجوده ،فلا إله إلا هو ،ولا معبود سواه ،{وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} ،لأنه لا يمثل وجوداً مستقلاً بذاته ،بل وجوداً مستمداً من الله ليس له أيّة قدرةٍ ذاتية ،لأن الله هو الذي أعطاه القوّة ،ولا يملك أيّ أساس للسلطة والألوهية لعبادته ،لأنه عبد فقير يعيش الحاجة إلى الله في كل شيء ،لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرّاً ولا نفعاً إلا بالله ..فكيف يمكن أن يكون موقع الألوهية الذي ادّعاه لنفسه أو ادعاه غيره له حقاً في المعنى ،أو حقاً في الواقع ،بل هو الباطل كله .
إن الألوهية تعني الحقيقة المطلقة المهيمنة على كل شيء ،وبذلك كان الله في وحدانيته هو الحق ،وكان غيره في حاجته هو الباطل .{وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ العلي الْكَبِيرُ} الذي يتوحّد بالعلوّ المطلق الذي لا يعلو عليه شيء ،ويتوحد بالمنزلة الكبيرة فلا شيء أكبر منه ،ولا يمكن أن يدانيه أحد ليشاركه في الألوهية .