{وَهُوَ الذي يحيي وَيُمِيتُ} ويمسك بالوجود كله ،فلا تبتعد الحياة بكل مظاهرها وأشكالها عن إرادته ،ولا يتحرك الموت بعيداً عن مشيئته ،فهو مالك الحياة والموت ..{وَلَهُ اخْتِلافُ الليل وَالنَّهَارِ} وهو الذي أبدع اختلاف الحركة وتنوّع أشكال الوجود ،في تتابعه ،في ما يحتوي النشاط الإنساني كله ،وفي ما يثير الإحساس بالزمن الذي يمتد فيه الليل طويلاً تارةً وقصيراً أخرى ،ليتبادل حركة الطول والقصر مع النهار ،بحيث يلهث الإنسان مع الزمن ويستغرق فيه ،ليطلّ من خلاله على حيويّة الحركة ،وعلى نهاية الحياة في نهاية المطاف ،ليؤمن بأن الحياة وإن اختلفت في أشكالها وأوضاعها ،فإنها تبقى خاضعة لتدبير المبدع الذي خلق الوحدة في التنوّع ،وأبدع من التنوّع سرّ النظام في الوجود كله ..
{أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} لتقعوا على عمق المعرفة بالله من خلال التفكير العميق بمظاهر الإبداع في خلقه ،ولتؤمنوا بأن هذه الحياة التي خضعت للنظام الكوني ،لا بد من أن يتحرك فيها الإنسان من مواقع النظام الذي وضع الله شرائعه ،وأوحى إليه بآياته ،ليتكامل نظام الإنسان مع نظام الكون ،ولكنّ مشكلة كلّ هؤلاء أنهم لا يفكرون بعقل ،بل بانفعال ،ويعالجون القضايا الفكرية العميقة التي تحتاج إلى جهدٍ عقليّ دقيق بسطحية .