قوله تعالى:{وَهُوَ الذي يُحَيىِ وَيُمِيتُ} .
قد قدمنا الآيات الدالة على الإماتتين والإحياءتين ،وأن ذلك من أكبر الدواعي للإيمان به جل وعلا في سورة الحج في الكلام على قوله:{وَهُوَ الذي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [ الحج:66] وفي سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} [ البقرة:28] .فأغنى ذلك عن إعادته هنا .
قوله تعالى:{وَلَهُ اخْتِلَافُ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} .
بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن له اختلاف الليل والنهار ،يعني: أن ذلك هو الفاعل له وهو الذي يذهب بالليل ،ويأتي بالنهار ،ثم يذهب بالنهار ويأتي بالليل ،واختلاف الليل والنهار ،من أعظم آياته الدالة على كما قدرته ،ومن أعظم مننه على خلقه كما بين الأمرين في سورة القصص في قوله تعالى{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَاهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَاهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ * وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [ القصص:71-73] .أي لتسكنوا في الليل وتطلبوا معايشكم بالنهار .والآيات الدالة على اختلاف الليل والنهار ،من أعظم الآيات الدالة على عظمة الله ،واستحقاقه للعبادة وحده كثيرة جداً كقوله تعالى:{وَمِنْ ءَايَاتِهِ الَّيْلُ وَالنَّهَارُ} [ فصلت:37] وقوله:{وَءَايَةٌ لَّهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ} [ يس:40] وقوله{يُغْشِى الَّيْلَ النَّهَارَ} [ الأعراف:54] وقوله{وَلاَ الَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [ يس:40] وقوله تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [ إبراهيم:33] .وقوله تعالى:{إِنَّ في اخْتِلَافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ في السَّمَاوَاتِ والأرض لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ} [ يونس:6] والآيات بمثل هذا كثيرة جداً ،وقوله تعالى: أفلا تعقلون: أي تذكرون بعقولكم أن الذي ينشىء السمع والأبصار والأفئدة ،ويذرؤكم في الأرض وإليه تحشرون ،وهو الذي يحيي ويميت ويخالف بين الليل والنهار أنه الإله الحق المعبود وحده جل وعلا ،الذي لا يصح أن يسوى به غيره سبحانه وتعالى علواً كبيراً .