/م78
80 - وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ .
اختلاف الليل النهار: تعاقبهما بالسواد والبياض ،والزيادة والنقصان ،وذلك مختص بالله تعالى ،لا يقدر عليه غيره ،كما يقال: فلان يختلف إلى فلان ،أي: يتردد عليه بالمجيء والذهاب .
والله تعالى هو الذي يملك الحياة والموت ،وفي كل لحظة نجد ملايين الأحياء تدب فيهم الحياة ،وملايين الموتى تنزع أرواحهم ،والحياة نعمة الوجود ،والموت نعمة تكريم الإنسان والأحياء ،والإنسان ربما ظن أنه يمكنه الإحياء والإماتة ولكنها أمور ظاهرية ،لأن واهب الروح هو الله ،وقابضها هو الله بواسطة الملائكة ،قال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً .( الإسراء: 85 ) .
وقال تعالى: حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ .( الأنعام: 61 ) .
وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ...
أي: مجيء أحدهما عقب الآخر بلا توان ولا تخلف ،أو تميز أحدهما عن الآخر ،فالنهار مضيء ،فيه حياة وحركة وسعي وضجيج ،والليل ظلام وسكون ونوم وراحة ،أو المعنى: زيادة أحدهما عن الآخر ،فالليل يطول في الشتاء والنهار يقصر فيه ،والليل يقصر في الصيف ويطول النهار فيه .
أفلا تعقلون .
أترون هذه الآيات والدلائل ،فلا تتحرك عقولكم للتأمل في خلق الكون والإنسان ،والتبصر بأن وراء هذا الكون ،ووراء اختلاف الليل والنهار ،يدا حانية تمسك بنظام الكون وتحفظ توازنه ،وأن العقل يرشد إلى قدرة الله ووحدانيته ،ويرشد إلى الإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد ،الذي لم يلد ولم يولد ،ولم يكن له كفوا أحد .