{الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ} هؤلاء الذين يثيرون الغبار في أجواء الرسالات ،ويحاربون رسل الله وأولياءه ،من دون أن يملكوا أيّة حجةٍ على ذلك كله في إثارتهم وحربهم ،{أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً} وأيّ مكان أكثر شرّاً من جهنم في ما تمثله من خزي وعارٍ وسوء مصير وعذاب أمام الخلائق كلهم ،وأيّ سبيل أضلّ من السبيل الذي يؤدّي إلى النار حيث يعيش الإنسان الشقاء الدائم الذي لا سعادة بعده ،وأيّ ضلال أكثر بعداً من الضلال الذي يبتعد فيه الإنسان عن الله وعن لطفه ورحمته وعفوه ،فلا يأوي إلى رضوانه ؟!
وقد جاء الخلاف بين المفسرين حول المراد من الحشر على وجوههم ،هل هو بمعناه الظاهر ،وهو الانتقال بهم وهم مكبوبون على وجوههم ،أو بمعنى السحب ،أو بمعنى الانتقال منكوسين ،أو كناية عن فرط الذل والهوان ،أو غير ذلك من حمل اللفظ على بعض الأمور المعنوية ،وذلك بمعنى أنهم يحشرون وقلوبهم متعلقة بالسفليات من الدنيا وزخارفها ،متوجهة وجوههم إليها ؟وليس هناك ما يمنع عن حمله على معناه الظاهر الذي يجسدبحسب طبيعتهالذل والهوان ،والله العالم .
وهكذا كان الموقف من الرسالة والرسول بعيداً عن خط التوازن في التصور والحكم من خلال الخصوصيات الذاتية التي أثاروها حوله ،ولذلك كانت نتيجته العذاب في جهنم .وإذا كان هؤلاء المشاغبون في موقفهم من القرآن ،ممن يؤمنون بالرسل والرسالات السابقة ،كما قد يوحي به كلامهم ،فإن عليهم أن يستحضروا موسى وكتابه ،وغيره من الأنبياء ،ليعرفوا أن النبي محمد( ص ) لم يكن بدعاً من الرسل ،وأن كتابه لم يكن بدعاً من الكتب المنزلة من الله .