ثُمَّ يؤكّد اللّه سبحانه للمؤمنين في هذا النداء حقيقتين إيمانيتين في ما يريده لهم أن يعيشوه من حقائق الإيمان ،ليستثيروا بذلك الأجواء التي تمنع العواطف السلبية المضادة من النمو والتأثير على مجرى التفكير والشعور .
الأولى: في قوله تعالى: [ ولئن قتلتم في سبيل اللّه أو متُّم لمغفرةٌ من اللّه ورحمةٌ خيرٌ مما يجمعون] .
إنَّ المؤمنين الذين يعيشون حياتهم في خطّ الطاعة للّه والجهاد في سبيله ،فيقتلون في سبيل اللّه أو يموتون في طريق الطاعة ،لا يعيشون الشعور بالخسارة إزاء الموت ،بل يتطلّعون إلى الربح الأعلى ،لأنَّ الإيمان يخضع المشاعر الإيمانية للتطلّع إلى ما عند اللّه من المغفرة والرحمة ،لأنَّها السبيل الوحيد إلى الطمأنينة والسعادة الخالدة التي تصغر أمامها كلّ رغبات الدُّنيا وامتيازاتها وشهواتها وأموالها ،لأنَّها النعيم الزائل الذي لا يخلو من الكثير من الآلام ،بينما تمثِّل الآخرة في نعيمها الخلود واللذة التي لا يشوبها الألم من قريب أو من بعيد .وفي ضوء ذلك ،لا بُدَّ للمؤمنين من استقبال أخطار الجهاد بالإقدام والإرادة القويّة بعيداً عن كلّ السلبيّات العاطفية ،ليستقبلوا ألطاف اللّه في مغفرته ورحمته .