{ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون} وبيان ذلك أن حظ الحي من هذه الحياة هو ما يجمعه من المال والمتاع الذي تتحقق به شهواته وحظوظه ، وما يلاقيه من يقتل أو يموت في سبيل الله من مغفرته تعالى ورحمته فهو خير له من جميع ما يتمتع به في هذه الدار الفانية .والموت في سبيل الله هو الموت في أي عمل من الأعمال التي يعملها الإنسان لله ، أي سبيل البر والخير التي هدى الله الإنسان إليها ويرضاها منه .وقد يموت الإنسان في أثناء الحرب من التعب أو غير ذلك من الأسباب التي يأتيها المحارب في أثنائها ، فيكون ذلك من الموت في سبيل الله عز وجل .
أقول:وهذا هو المقصود هنا أولا وبالذات ، لأن السياق في الحرب .ولذلك قدم ذكر القتل على الموت .فإن القتل هو الذي يقع كثيرا في الحرب والموت يكون فيها أقل ، فذكره تبعا ، بخلاف الآية الآتية .
وحاصل معنى الآية:أن رب العزة يخبرنا مؤكدا خبره بالقسم بأن من يقتل في سبيله أو يموت ، فإن ما ينتظره من مغفرةٍ تمحو ما كان من ذنوبه وسيئاته ، ورحمةٍ ترفع درجاته خير له مما يجمع الذين يحرصون على الحياة ليتمتعوا بالشهوات واللذات .إذ لا يليق بالمؤمنين الذين يؤثرون مغفرة الله ورحمته الدائمة على الحظوظ الفانية أن يتحسروا على من يقتل منهم أو يموت في سبيل الله ، ويودوا لو يكونوا خرجوا من دورهم إلى حيث لقوا حتفهم .فإن ما يلقونه بعد هذا الحتف خير مما كانوا فيه قبله .وبهذا الذي بينته تظهر نكتة الخطاب في أول الآية والغيبة في آخرها .وكذا تنكير مغفرة ورحمة .