{مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} أي كونواأيها الناسفي موقع الراجعين إلى الله الذي تتمثل في وحدانيته حركة الفطرة في وضوح الرؤية .{وَاتَّقُوهُ} . إن الذين يكتشفون الله في وحدانية العظمة المطلقة وفي قدرته الشاملة التي لا تقف عند حد ،لا بدّ من أن يعيشوا عمق الخوف منه وسرّ المحبة له ،فيدفعهم ذلك إلى التقوى التي يراقب الإنسانمن خلالهانفسه ،ويحاسب عمله ،ويضبط خطواته ،ويحدّد طريقه ،ويعرف هدفه .
{وَأَقِيمُواْ الصّلاةَ} التي تعبّرون بها عن عبوديتكم لله وحده في ممارسةٍ عمليةٍ للعقيدة التوحيدية ،وفي إحساسٍ عميق بالتقوى ،وفي تأكيد خاضعٍ خاشعٍ في الرجوع إليه من رحلة الكفر والضلال في سجودكم وركوعكم بين يديه .
نبذ الشرك والتفريق
{وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الذين ابتعدوا عن الله الواحد الذي يوحد لهم تصورهم للكون والحياة ،كما يوحدهم في الموقع والموقف ،والمنهج والهدف ،وانطلقوا إلى غيره ليتعبدوا له من خلال أوهامهم ،فاختار كل فريق منهم إلهاً لنفسه ،فتعددت الآلهة ،وتعدّدت المواقع تبعاً لذلك ،واختلفت أيضاً المواقف ،ولم يشعر الناس بأيّ شيءٍ يوحدهم ،لأن آلهة الكفر والضلال لا يتوحدون في التصورّ ولا في الطريق ولا في الغاية ،لأن لكلٍّ منهم هوىً يحكم موقفه ،ويحدّد موقعه وموقع الذين جعلوه شريكاً من دون الله ،