{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الاَْحْزَابَ} وواجهوا البلاء الشديد من خلال هذه الهجمة الكافرة التي تجمعت من كل مواقع الشرك ومعاقله ،{قَالُواْ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} في ما حدثهم به النبي أو وعدهم به ،من أن الكافرين والمشركين سينطلقون إلى حربهم ،وسيحاولون أن يستأصلوهم ،وفي ما أنزل الله على رسوله من ذلك في قوله تعالى في سورة البقرة:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيب} [ البقرة:214] .
{وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} فقد رأوا الصدق في هذا الجوّ العاصف من العداوة والبغضاء ،الذي يحيط بهم ،وفي هذه الحشود الكثيرة من الأعداء التي تحدق بهم ،فأعلنوا اعترافهم به وإيمانهم به{وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيماً} لأن ثقة المؤمنين بالله وبرسوله لا تتزلزل ولا تتزعزع أمام المشاكل التي تواجههم ،والتحديات التي تتحداهم ،لأنهم يعرفون أنَّ الله لا يخذل عباده المؤمنين ،مهما طال الزمن واشتدّ البلاء ،فلا بد من أن تأتي العافية بعد البلاء ،والرخاء بعد الشدة ،واليسر بعد العسر .وهكذا سلّموا أمرهم لله ،وواجهوا العدوّ من موقع واحد ،حتى انتصروا عليه بمعونة الله وبرعايته وبنصره .