{ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما}
المفردات:
صدق الله : ظهر صدق خبر الله .
وتسليما : وانقيادا لأوامره وطاعة لرسوله .
التفسير:
لما شاهد المؤمنون الأحزاب مع كثرتهم وقوتهم وتعدد جموعهم قابلوا ذلك بالثبات ورباطة الجأش وقالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله حيث بين القرآن أن ثمة الجنة هو الثبات في المحنة ،والصبر على البأساء وبين الرسول الأمين أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل ،يبتلى الرجل على حسب دينه وقيل: إن الآية من دلائل النبوة حيث أخبر النبي المؤمنين بقدوم الأحزاب وأنهم جمع كبير وسيصلون بعد تسع ليال أو عشر ليال من أول الشهر فلما وصلت الجموع في الميعاد ازداد يقين المؤمنين واستعدوا للحرب ولقاء الأحزاب في صدق ويقين ولم تزدهم مشاهدة الأحزاب إلا إيمانا بالله وتصديقا بشريعته وتسليما لأوامره وانقيادا وطاعة لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون .( العنكبوت: 2 ) .
وقال سبحانه: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب .( البقرة: 214 ) .
من تفسير القرطبي:
ومعنى الآية: وما زادتهم الرؤية للأحزاب إلا إيمانا وتسليما للقضاء ولما اشتد الأمر على المسلمين وطال المقام في الخندق قام عليه السلام على التل الذي عليه مسجد الفتح في بعض الليالي وتوقع ما وعده الله من النصر وقال:"من يذهب ليأتينا بخبرهم وله الجنة فلم يجبه أحد وقال ثانيا وثالثا فلم يجبه أحد فنظر إلى جانبه وقال:"من هذا ؟"فقال حذيفة:"ألم تسمع كلامي منذ الليلة "؟قال حذيفة فقلت يا رسول الله منعني أن أجيبك الضر والقر قال:"انطلق حتى تدخل في القوم فتسمع كلامهم وتأتيني بخبرهم اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله حتى ترده إلي انطلق ولا تحدث شيئا حتى تأتيني"فانطلق حذيفة بسلاحه ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده يقول"يا صريخ المكروبين ويا مجيب المضطرين اكشف همي وغمي وكربي فقد ترى حالي وحال أصحابي "فنزل جبريل وقال:إن الله قد سمع دعوتك وكفاك هول عدوك ،فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وبسط يديه وأرخى عينيه وهو يقول:"شكرا شكرا كما رحمتني ورحمت أصحابي "وأخبره جبريل أن الله تعالى مرسل عليهم ريحا فبشر أصحابه بذلك قال حذيفة فانتهيت إليهم وإذا نيرانهم تتقد فأقبلت ريح شديدة فيها حصباء فما تركت لهم نارا إلا أطفأتها ولا بناء إلا طرحته وجعلوا يتترسون من الحصباء وقام أبو سفيان إلى راحلته وصاح في قريش النجاء النجاء وفعل كذلك عيينة بن حصن والحارث بن عوف والأقرع بن حابس وتفرقت الأحزاب وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاد على المدينة وبه من الشعث ما شاء الله فجاءته فاطمة بغسول فكانت تغسل رأسه فأتاه جبريل فقال: وضعت السلاح ولم يضعه أهل السماء مازلت أتبعهم حتى جاوزت بهم الروحاء ثم قال: انهض إلى بني قريظة ،وقال أبو سفيان مازلت أسمع قعقعة السلاح حتى جاوزت الروحاء . 24
***