{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} من الذين عاشوا في مجتمع الرسل ،أو من الذين جاؤوا من بعدهم ،ليكون الكتاب قاعدةً لتفكيرهم ،ودستوراً لحياتهم ،ومنهجاً لحركتهم ،وأساساً لعلاقاتهم ،وحركة في ساحة صراعاتهم ،لأن الله اختارهم ليكونوا حملة الرسالة التي أوحى بها لرسله في كتابه وأتباعها ،فماذا ،لأن الله اختارهم ليكونوا حملة الرسالة التي أوحى بها لرسله في كتابه وأتباعها ،فماذا كان ردُّ فعلهم على ذلك وكيف واجهوا هذا الإرث وهذا الاصطفاء الإلهي ؟{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} في انحرافه عن خط الكتاب ،وتمرّده على الله في خط طاعته ،{وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ} يتحرك معه بحسابٍ ،ويقف عند بعض المواقع بحسابٍ ،من دون حرارةٍ واندفاع ،ومن غير روحٍ حركيّةٍ منفتحةٍ على الهدف الكبير بقوّة ،{وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} وهم الذين عاشوا الكتاب في كل ملامح شخصيتهم ،فذابوا فيه ،وانطلقوا مع مفاهيمه كرسالةٍ للحياة ،ومنطلقٍ للسموّ ،والتفاتةٍ للإبداع ،وحركةٍ للخير في ساحة السباق التي تتنافس فيها خيول الخير في ساحة الإنسان والحياة ،ليندفعوا بكل ما عندهم من حبٍّ لله ،واندفاعٍ روحيٍّ في الحصول على رضاه ،ليكونوا السابقين في كل مواقع الخير ،فلا يسمحون لأحدٍ بالتقدم عليهم ،ليعطوا الشهادة الحيّة على أن الرسالة إذا عاشت في الكيان الإنساني فكراً وروحاً وحركةً ،تحوّلت إلى قوّةٍ هائلةٍ في كل الساحات .
{بِإِذُنِ اللَّهِ} الذي يتطلع إليه هؤلاء قبل الاندفاع نحو الهدف ،والدخول في ساحة السباق ،ليطلبوا الإذن منه في ذلك ،ليكون اندفاعهم في خط الهدف الكبير المنفتح على شريعة الله ،وليكون سباقهم خاضعاً لرضوان الله ،{ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} وأيّ فضلٍ أكبر من الفضل الذي يحقق للإنسان في مسعاه نحو خير الآخرين البركة لعباد الله ،ومن العمل الذي ينال فيه الإنسان الرضوان من الله ،الذي يطلّ به على مواقع النعيم في الدار الآخرة ،