{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ} من الفكر السيىء على المستوى العقيدي ،أو من الكلام المسيء إلى البلاد والعباد أو من سيئات العمل ،بما يمارسون من فساد على المستوى الفردي والجماعي في كل المجالات الإنسانية المتنوعة في الواقع ،{مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ} من كل ما يدب على الأرض من أنواع الإنسان من ذكر أو أنثى ،لأنهم يستحقون ذلك بسبب خطورة المعصية التي ارتكبوها ،وهي التمرّد على الله خالق السماوات والأرض .
ولكن مسألة العقوبة لدى الله ،ليست حاجةً للتشفي والانتقام الذاتي ،كما هو الحال لدى البشر ،لأن الله فوق الحاجة الذاتية ،لغناه في نفسه عن كل شيء ،ويستحيل نسبة ذلك إليه ،بل هي مظهرٌ من مظاهر حكمته ،في ما يتوعد به عباده ،ليلتزموا بالخط المستقيم في الدنيا ثم يحقق وعيده في بعض الناس الذين لا تنالهم رحمته ،ويرفعه عن البعض الذين تنالهم .
{وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} وهو يوم القيامة ،في الخط العام للعقاب على الانحراف العقيدي والعملي ،الذي قد يلتقي في بعض الحالات ببعض الاستثناءات عندما يعذب الله بعض الناس في الدنيا ،بما ينزله عليهم من ألوان العذاب ،كما حدث للأمم السالفة ،{فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ} وهو الموت أو يوم القيامة ،{فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً} يعرف كلاًّ منهم من خلال عمله فيجازيه عليه ،فهو الله الخالق المدبّر الحكيم العالم بعباده ،وكيف لا يعلم مَنْ خلق وهو اللطيف الخبير ؟