/م42
{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا}
المفردات:
كسبوا : فعلوا من السيئات .
دابة : حيوان يدب في الأرض وقيل المراد الإنس والجن .
التفسير:
هذا هو ختام سورة فاطر التي بدأت بحمد الله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة .
وختمت ببيان رحمة الله وحلمه فكأن سائلا سأل من هؤلاء الكفار وقال: لم لمْ يعجل الله لنا العقوبة ؟ وأين هو العذاب الذي تهددنا به ؟
فكان الجواب هو هذه الآية التي تفيد الآتي: لو عجل الله العقوبة لكل مخطئ في هذه الأرض لأهلك الناس جميعا ولأصيبت الدواب بسبب خطأ ابن آدم حين تنزل الصواعق أو تجتاح الأرض الأوبئة أو الأمراض أو الزلازل أو البراكين لكن حكمة الله تعالى اقتضت أن يؤجل عقاب المكذبين .
{إلى أجل مسمى ...} هو انتهاء حياتهم أو يؤجل عقاب الأمة إلى انتهاء الأجل المحدد لها في هذه الأرض فإذا انتهت الحياة على هذا الكوكب وجاء البعث والحشر والحساب والجزاء فإن الله تعالى عالم مطلع وشاهد وبصير بكل فرد من الأفراد وبكل أمة من الأمم وبكل جيل من الأجيال وهو سبحانه سريع الحساب لا يشغله شأن عن شان .
وفي معنى الآية قوله تعالى:
أكفاركم خير من أولائكم أم لكم براءة في الزبر لم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر .( القمر: 43-46 ) .
وقوله سبحانه:وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظلمة إن أخذه أليم شديد .( هود: 102 ) .
من تفسير ابن كثير
لقوله تعالى:{أو لم يسيروا في الأرض فينظروا ...الآية .}
قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به من الرسالة: سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل كيف دمر الله عليهم فخلت منهم منازلهم وسلبوا ما كانوا فيه من النعيم بعد كمال القوة/ وكثرة العدد والعدة وكثرة الأموال والأولاد فما اغني ذلك عنهم شيئا ولا دفع عنهم من عذاب الله من شيء لأنه تعالى لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض .
{إنه كان عليما قديرا ...} أي:عليم بجميع الكائنات قدير على مجموعها .
تفسير الشيخ عبد الحميد كشك للآية الأخيرة من سورة فاطر
{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ....} على هذا منطق العدل .
{ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا ....} هذا منطق الفضل فإن يعاقب فبمحض العدل وإن يثب فبمحض الفضل إن الله لا يعجل كعجلة أحدكم .
روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ". xxi
وفي معنى الآية قوله تعالى في سورة النحل: ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون .( النحل: 61 ) .
فاللهم عاملنا بفضلك وإحسانك ولا تعاملنا بميزانك وعاملنا بما أنت أهل له ،فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة . xxii