{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} إن الموقف ليس مفاجأةً لكم ،فقد سمعتم عن هذا الجوّ الذي تعيشون فيه الآن الكثير في ما بيّنته لكم من أساليب الترغيب والترهيب وأحاديث المسؤولية ونتائجها ..فقد بيّن لكم الرسل قصص يوم القيامة في ما أفاضوا به من الحديث عن آيات الله التي تفصّل لكم الأمر كله ،فلكل عملٍ ثوابه أو عقابه ،ولكل موقفٍ نتائجه السيّئة والحسنة ،ولكنّكم لم تستجيبوا للإنذار ،ولم تحملوا المسألة محمل الجدّ ،بل انطلقتم مع شهواتكم وأطماعكم بعيداً عن كل مسؤولية ،فهل هناك عذر لكم في كل ذلك:{قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا} بكل ذلك ،وكيف ينكر الإنسان الحقيقة الواضحة التي تفرض نفسها عليه ؟!{وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ} فأبعدتهم عن مواقع الوعي ،ومواقف المسؤولية ،فاستسلموا لمغرياتها وزخارفها ولهوها وعربدتها{وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ} ووقفوا في حيرة الإنسان الذي يواجه مصيره من دون أن يملك أيّ شيء ينقذه منه ،وتلك هي العبرة التي يريد القرآن للإنسان أن يأخذها من هذا الموقف في الدنيا ،قبل أن يواجهه ،في مواقع العذاب في الآخرة .