الخطاب هنا موجه إلى الجنّ والإنس معا ،فهل أرسل الله إلى الجن رسلا منهم كما أرسل إلى الإنس ؟يقول جمهور العلماء: إن الرسل كلهم من الإنس كما يدل عليه ظاهر الآيات الأخرى .أما عالم الجن فهو غيبّي لا نعرف عنه إلا ما ورد به النص .وقد دل القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة على أن النبي علي الصلاة والسلام قد أُرسل إليهم أيضا في قوله تعالى:
{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الجن يَسْتَمِعُونَ القرآن ،فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالوا: أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ...الآيات} من سورة الأحقاف .فهذا يدل على أن الرسل من الإنس وحدهم ،وأن الجن كانوا يستمعون لهم وينذرون أقوامهم .
فالله تعالى يقول لهم يوم القيامة: يا أيها الإنس والجن ،لقد جاءتكم الرسل يذكُرون لكم الحجج والبينات ،ويتلون عليكم الآياتِ المبينَة لأصول الإيمان ،والمفصِّلة لأحكام الشرائع ،وينذرونكم لقاء الله في هذا اليوم العصيب ،فكيف تكذبون ؟
فأجابوا: قد أقررنا وشهِدنا على أنفسنا بما ارتكبنا .ولكنهم:{وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا} قد خدعتهم الحياة في الدنيا ومتاعها من الشهوات والأموال والأولاد ،وحبُّ التسلط على الناس .بذلك أقرّوا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين كافرين بالآيات والنذر .