قوله تعالى:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ} الآية .
قال بعض العلماء: المراد بالرسل من الجن نذرهم الذين يسمعون كلام الرسل ،فيبلغونه إلى قومهم ،ويشهد لهذا أن الله ذكر أنهم منذرون لقومهم في قوله:{وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} [ الأحقاف: 29] .
وقال بعض العلماء:{رُسُلٌ مِّنْكُمْ} أي من مجموعكم الصادق بخصوص الإنس: لأنه لا رسل من الجن ،ويستأنس لهذا القول بأن القرآن ربما أطلق فيه المجموع مراداً بعضه ،كقوله:{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} [ نوح: 16] ،وقوله:{فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} [ الشمس: 14] ،مع أن العاقر واحد منهم ،كما بينه بقوله:{فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [ القمر: 29] .واعلم أن ما ذكره الحافظ ابن كثير رحمه الله وغيره من أجلاء العلماء في تفسير هذه الآية: من أن قوله:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} [ الرحمان: 22] يراد به البحر الملح خاصة دون العذب غلط كبير ،لا يجوز القول به .لأنه مخالف مخالفة صريحة لكلام الله تعالى ،لأن الله ذكر البحرين الملح والعذب ،بقوله:{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [ فاطر: 12] ،ثم صرح باستخراج اللؤلؤ والمرجان منها جميعاً بقوله:{وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [ فاطر: 12] والحلية المذكورة هي اللؤلؤ والمرجان ،فقصره على الملح مناقض للآية صريحاً ،كما ترى .