وهذه صورةٌ من صور التكبّر والاعتداء العدواني التي يتمثل فيها موقفهم الاستعراضي إزاء شخصية الرسول( ص ) من خلال العقدة النفسية الطاغية المتأصلة في شخصياتهم التي قد تتنفس في سلوكهم من حيث لا يشعرون .
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ} في ما يمكن أن يكون الناس من أهلهم وأصحابهم قد اطّلعوا عليه من نفاقهم الخفي ،فيقدِّمون لهم النصح بأن يتوبوا ويشهدوا الرسول على توبتهم ،ويؤكدوا ذلك بالطلب إليه أن يستغفر لهم ربه ليغفر لهم ،فينالوا بذلك الرضوان من الله ورسوله ،{لَوَّوْاْ رُؤوسَهُمْ} استهزاءً بهذه الدعوة ،أو إعراضاً عن خطّ الاستقامة ،لأنهم لا يؤمنون بالله ورسوله في عمق كيانهم ،فلا يرون هناك خطأً يحتاج إلى تصحيح ،ولا ذنباً يحتاج إلى استغفار .
{وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ} عن الحق ،في ما هو الإسلام والإخلاص لله ،{وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} في ما يعيشون فيه من الإحساس بالكبرياء الذي قد يجدون أنفسهم فيه في الموقع الأعلى الذي لا يصل إليه الرسول ،ولا غيره ،من خلال موقعهم الطبقي أو المالي ،أو من خلال العظمة الذاتية الفارغة التي يوحون بها لأنفسهم ،أو يوحي بها إليهم غيرهم ممن يتزلفون للنفاق وأهله .