صفات أخرى للمنافقين
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ( 5 ) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ( 6 ) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ( 7 ) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ( 8 )}
المفردات:
لوّوا رؤوسهم: حوّلوها استهزاء .
يصدّون: يُعرضون عن القائل .
/م5
التفسير:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} .
كان عبد الله بن أبي بن سلول كبيرا للمنافقين ،حريصا على الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،ولما تكلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما سيئا ،ووصى ابن سلول أتباعه ألا ينفقوا على فقراء المهاجرين ،حتى ينصرفوا عن محمد صلى الله عليه وسلم ،بلغ هذا الكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فاستدعى عبد الله بن أُبي ،فأقسم كذبا أنه ما قال ذلك .
ثم فضح الله المنافقين بنزول وحي السماء ،في صدر سورة المنافقين ،وكان للمنافقين أقارب وأهل من المؤمنين ،فقالوا لهم: لقد فضحكم الوحي ،فاذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لكم ،وتوبوا إلى الله ،وعودوا إلى صفوف الإيمان ،فتكبّر المنافقون وأمالوا رؤوسهم كبرا واستنكافا أن يذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأعرضوا عن الهداية استكبارا وانصرافا عن الهدى .
روي أن الأنصار قالوا لعبد الله بن أُبي بن سلول: لقد نزلت فيك آي شداد ،فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك ،فلوى رأسه ،ثم قال: أمرتموني أن أؤمن فآمنت ،وأمرتموني أن أزكي فزكيت ،فما بقي إلا أن أسجد لمحمد ،فنزلت:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ...}
معنى الآية:
وإذا قيل للمنافقين مثل عبد الله بن أُبي ،والجدّ بن قيس ،ومعتب بن قشير: تعالوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب من الله المغفرة لكم ،والتوبة عليكم ،وهدايتكم إلى نور الإيمان والإخلاص له ،أمالوا رؤوسهم كبرا وتيها ،وشاهدتهم يعرضون عن السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،حال كوهم مستكبرين عن الاستهداء بهدي الإسلام .
/خ8