{ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ} فليست هناك جهة لا أملك حرية الدخول منها إلى أفكارهم ومشاعرهم وخطواتهم العملية ،وعلاقاتهم البشرية ،وكل أوضاعهم العامة والخاصة ،لأنهم مكشوفون لي بكل آفاقهم الداخلية والخارجية ؛فلهم غرائز يمكن إثارتها ،ولهم مطامع يمكن اللعب عليها ،ولهم أهواء يمكن التحرك من خلالها .{وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} لأن أكثريتهم لا يصبرون على الحرمان والمعاناة والبعد عن الشهوات ،ولا يواجهون المواقف بروح المسؤولية الجادة التي تحسب حساب النتائج الإيجابية أو السلبية ،لما يقومون به من أعمال ،وما يقفونه من مواقف ؛بل يسيرون على أساس مشاعر اللحظة الحاضرة التي يعيش معها الإنسان توتّر الغريزة ،وسعار الشهوة ،ونزق الانفعالات ...وذلك من خلال نقاط الضعف ،وبذلك يفقدون الرؤية الواضحة التي يستجيبون من خلالها لنداء الله في ما يأمر به أو ينهى عنه ،في ما يمثل حالة الشكر العملي للنعمة الإلهية الواسعة التي أغدقها الله على الإنسان في أصل وجوده ،وفي تفاصيله المتحركة بالخير في أكثر من اتجاه .