ثمّ إِنّ الشيطان أضافتأكيداً لقولهبأنّه لن يكتفي بالقعود بالمرصاد لهم ،بل سيأتيهم من كل حدب وصوب ،ويسدّ عليهم الطريق من كل جانب ( ثمّ لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) .
ويمكن أن يكون هذا التعبير كناية عن أنّ الشيطان يحاصر الإنسان من كل الجهات ويتوسل إلى إغوائه بكل وسيلة ممكنة ،ويسعى في إِضلاله ،وهذا التعبير دارج في المحاورات اليومية أيضاً ،فنقول: فلان حاصرته الديون أو الأمراض من الجهات الأربع .
وعدم ذكر الفوق والتحت إِنّما هو لأجل أنّ الإنسان يتحرك عادة في الجهات الأربع المذكورة ،ويكون له نشاط في هذه الأنحاء غالباً .
ولقد نقل في حديث مروي عن الإِمام الباقر( عليه السلام ) تفسير أعمق لهذه الجهات الأربع حيث قال: «ثمّ قال: لآتينّهم من بين أيديهم ،معناه أهوّن عليهم أمر الآخرة ،ومن خلفهم ،آمرهم بجمع الأموال والبخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم .وعن أيمانهم ،أفسد عليهم أمر دينهم بتزيين الضلالة وتحسين الشبهة .وعن شمائلهم ،بتحبيب اللذّات إِليهم وتغليب الشّهوات على قلوبهم »{[1358]} .