{الْفُلْكِ}: السفن ،للواحد وللجمع .
{عَمِينَ}: جمع عمٍ ،وهو من عمى البصيرة ؛والأعمى من عمى البصر .
{فَكَذَّبُوهُ} ولم يلتفتوا إليه ،وإلى كل معطيات الفكر الذي قدمه إليهم ،بل كان دورهم دور التكذيب القائم على العقدة المستعصية .وقد حدثنا الله في آيات أخرى ،أنهم كانوا يسخرون منه ،وأنهم أصمّوا أسماعهم ،وأغمضوا عيونهم ،وجمّدوا عقولهم ،ولاحقوه بحقدهم وبغيهم ...{فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} ليبدأوا المسيرة الإنسانية الجديدة ،بروح حيّةٍ فاعلةٍ ،وإرادةٍ مؤمنةٍ واعيةٍ{وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِايَاتِنَآ} بالطوفان الذي لم يترك موضعاً لهم إلا واقتحمه وأغرقه ،حتى أعالي الجبال ،ليغرقوا جميعاً .{إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ} ،فقد كانوا يعيشون في ظلمةٍ دامسةٍ من أطماعهم وشهواتهم ،بحيث غطّت على رؤيتهم الواعية للأشياء .وهذا ما عبرت عنه الآية بالعمى المراد منه عمى الفكر والقلب والشعور لا عمى البصر .وتلك هي مشكلة الكفر والضلال في حياة الكافرين والضالّين ،فهم لا يفتحون عقولهم على الحق ،ولا يحركون أفكارهم في اتجاه معرفة الحقيقة ...وتلك هي قصّتنا الطويلة في مسيرة الدعوة إلى الله .