هودبعد نوحنبيٌّ لقومه
وهذه قصة نبيٍّ آخر أرسله الله إلى قومهبعد نوحوهو هودٌ الذي أرسل إلى قوم عاد ،ونستوحي من آياتٍ أخرى ،أن قوم عاد كانوا من العمالقة الذين يملكون أجساداً قويَّةً تمكّنهم من اقتلاع الصخور الثقيلة من الجبال العالية إلى الوديان السحيقة ،ومن حمل الأثقال بشكلٍ يفوق العادة .وربما كان لهذه القوة غير العادية تأثيرٌ على الشعور الذاتيّ بالشخصية المستكبرة المتعالية .{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} أي من عائلتهم .{قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} .إنها الدعوة نفسها التي أطلقها نوح ،فهي امتداد للخط الرسالي الذي يعتبر توحيد الإله في العقيدة والعبادة أساس الفلاح والنجاح .
وقد نضيف إلى ما أسلفنا الحديث عنه ،من التعليق على الدعوة إلى العبادة لا إلى الإيمان ،أن هؤلاء القوم ربما كانوا من المؤمنين بالله ،ولكنهم كانوا يشركون بعبادته غيره ؛فكانت الرسالة هي هدايتهم لتوحيد العبادة .ونلاحظ أن هوداً لم يتحدّث عن العذاب في مقام الدعوة ،بل تحدث عن التقوى في إلحاحٍ إنكاريّ لابتعادهم عنها .وقد يكون ذلك أسلوباً يستهدف التخويف بطريقة أخرى ،وذلك من خلال الإيحاء بالقوة المطلقة لله الذي لا إله غيره ،مما يدفع بالإنسان إلى الشعور بالرهبة أمامه خوفاً من عقابه ،ويدفعه إلى الالتزام بأوامره ونواهيه .