/م65
يقول تعالى أوّلا: ولقد أرسلنا إلى قوم عاد أخاهم هوداً ( وإلى عاد أخاهم هوداً ) .
وقوم «عاد » كانوا أُمّةً تعيش في أرض «اليمن » وكانت أُمّة قوية من حيث المقدرة البدنية والثروة الوافرة التي كانت تصل إليهم عن طريق الزراعة والرعي ،ولكنّها كانت متخمة بالانحرافات الإعتقادية وبخاصّة الوثنية والمفاسد الأخلاقية المتفشية بينهم .
وقد كُلِّف «هود » الذي كان منهموكان يرتبط بهم بوشيجة القربىمن جانب الله بأن يدعوهم إلى الحق ومكافحة الفساد ،ولعل التعبير ب «أخاهم » إشارة إلى هذه الوشيجة النسبية بين هود وقوم عاد .
ثمّ إنّه يحتمل أيضاً أن يكون التعبير ب «الأخ » في شأن النّبي هود ،وكذا في شأن عدّة أشخاص آخرين من الأنبياء الإلهيين مثل نوح( عليه السلام ) ( سورة الشعراء الآية 106 ) وصالح ( سورة الشعراء الآية 142 ) ولوط ( سورة الشعراء الآية 161 ) وشعيب ( سورة الأعراف الآية 85 ) إنّما هو لأجل أنّهم كانوا يتعاملون مع قومهم في منتهى الرحمة ،والمحبّة مثل أخ حميم ،ولا يألون جهداً في إرشادهم وهدايتهم ودعوتهم إلى الخير والصلاح .
إنّ هذه الكلمة تستعمل في من يعطف على أحد أو جماعة غاية العطف ،ويتحرق لهم غاية التحرق ،مضافاً إلى أنّها تحكي عن نوع من التساوي ونفي أي رغبة في التفوق والزعامة ،يعني أن رسل الله لا يحملون في نفوسهم أية دوافع شخصية في صعيد هدايتهم ،إنما يجاهدون فقط لإنقاذ شعوبهم وأقوامهم من ورطة الشقاء .
وعلى كل حال ،فإنّ من الواضح والبيّن أنّ التعبير ب «أخاهم » ليس إشارة إلى الأخوة الدينية مطلقاً ،لأنّ هؤلاء الأقوام لم تستجبفي الأغلبلدعوة أنبيائها الإصلاحية .
ثمّ يذكر تعالى أنّ هود شرع في دعوته في مسألة التوحيد ومكافحة الشرك والوثنية: ( قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون ) .