/م65
قوله تعالى:{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودا} معطوف على قوله:{ لقد أرسلنا نوحا إلى قومه} أي أرسلنا إلى عاد أخاهم في النسب هودا ، كما يقال في أخوة الجنس كله يا أخا العرب ، وللدين أخوة روحية كأخوة الجنس القومية والوطنية ، والآية دليل على جواز تسمية القريب أو الوطني الكافر أخا .وحكمة كون رسول القوم منهم أن يفهمهم ويفهم منهم ، حتى إذا ما استعد البشر للجامعة العامة ، أرسل الله خاتم رسله إليهم كافة ، وفرض عليهم توحيد اللغة لتوحيد الدين ، المراد به توحيد البشر وإدخالهم في السلم كافة .
{ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} تقدم معناه في قصة نوح آنفا ولكن الجملة هناك عطفت بالفاء وفصلت هنا وفيما يأتي من سائر القصص .والفرق المقتضي لذلك أن العطف هنالك جاء على أصله وهو كون التبليغ جاء عقب الإرسال لأن التأخير غير جائز .ولما صار هذا معلوما كان من المناسب فيما بعده من القصص أن يجيء بأسلوب الاستئناف البياني الذي هو الأصل في المراجعات القولية وإن تكررت كما تراه في السور الكثيرة ، فكأن المستمع لهذه القصة مثلا يسأل وقد علم من أمر قصة نوح ما علم:فماذا كان من أمر هود مع قومه وماذا قال لهم في دعوته ؟ أكان أمره معهم كأمر نوح مع قومه أم اختلفت الحال ؟
{ أَفَلاَ تَتَّقُون} أي أفلا تتقون ما يسخطه من الشرك والمعاصي لتنجوا من عقابه ؟ الاستفهام للإنكار ، واستبعاد عدم الإيمان والإذعان ، بعد أن كان من عقابه تعالى لقوم نوح ما كان .وفي سورة هود{ أفلا تعقلون} ( البقرة 44 ) وهو دليل على أنه قال هذا وذاك في وقت واحد أو في وقت بعد وقت ، ومن سنة القرآن في القصص المكررة أن يذكر في كل منها ما لم يذكر في الأخرى لتنويع الفوائد ودفع الملل عن القارئ وقد اقتبس ذلك البخاري في أحاديث جامعه الصحيح المكررة فتحرى في كل باب أن ينفرد بفائدة .