قال الله تعالى:( فكذبوه ) أي:فتمادوا على تكذيبه ومخالفته ، وما آمن معه منهم إلا قليل ، كما نص عليه في موضع آخر ، ( فأنجيناه والذين معه في الفلك ) وهي السفينة ، كما قال:( فأنجيناه وأصحاب السفينة ) [ العنكبوت:15] ( وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا ) كما قال:( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ) [ نوح:25]
وقوله:( إنهم كانوا قوما عمين ) أي:عن الحق ، لا يبصرونه ولا يهتدون له .
فبين تعالى في هذه القصة أنه انتقم لأوليائه من أعدائه ، وأنجى رسوله والمؤمنين ، وأهلك أعداءهم من الكافرين ، كما قال تعالى:( إنا لننصر رسلنا [ والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة] ولهم سوء الدار ) [ غافر:51 ، 52]
وهذه سنة الله في عباده في الدنيا والآخرة ، أن العاقبة للمتقين والظفر والغلب لهم ، كما أهلك قوم نوح [ عليه السلام] بالغرق ونجى نوحا وأصحابه المؤمنين .
قال مالك ، عن زيد بن أسلم:كان قوم نوح قد ضاق بهم السهل والجبل .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:ما عذب الله قوم نوح عليه السلام إلا والأرض ملأى بهم ، وليس بقعة من الأرض إلا ولها مالك وحائز .
وقال ابن وهب:بلغني عن ابن عباس:أنه نجا مع نوح عليه السلام في السفينة ثمانون رجلا أحدهم "جرهم "، وكان لسانه عربيا .
رواهن ابن أبي حاتم . وقد روي هذا الأثر الأخير من وجه آخر متصلا عن ابن عباس ، رضي الله عنهما .