{انسَلَخَ}: الانسلاخ خروج الشيء مما لابسه .وهنا أي انتهاء الأشهر الحرم .
{وَاحْصُرُوهُمْ}: الحصر: المنع من الخروح من محيط .والحصر والحبس والأسر نظائر .
{مَرْصَدٍ} المرصد: الطريق .
الأشهر الحرم
{فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} وهي المدة التي حرّم القتال فيها وجعل الله للمشركين أن يسيحوا في الأرض آمنين ،لأن ذلك هو الظاهر من جوّ الآيات .أمّا ما ذكره بعضهم من أن المراد بها الأشهر الحرم المعروفة ،وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب ،فلا دليل عليه إلا من خلال كلمة «الحرم » التي تنصرف إلى هذه الأشهر ،في ما قيل ،ولكن القرائن المحيطة بالموضوع تصرف اللفظ إلى ما قلناه ؛والله العالم .{فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} بعد أن قامت عليهم الحجة وانتهى وقت الإنذار ،من دون أن يرجعوا إلى الحق والصواب{وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} وهو كنايةفي ما يظهرعن إغلاق الطرق عليهم ومحاصرتهم من جميع الجهات .وبذلك لا تكون القضية قضية التخيير بين القتل والحبس كما قيل ،بل قضية القتل فيمن وجد منهم من دون عناء ،وقضية الملاحقة فيمن هرب أو اختفى ،ليقام عليه حدّ الله بعد أخذه وحصره ،{فَإِن تَابُواْ} عن الشرك والتزموا بأحكام الإسلام ،{وَأَقَامُواْ} التي تمثل الإخلاص في عبادة الله والبعد عن كل شرك ،{وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ} التي توحي بالصدق في الالتزام ،لأن بذل المال يعبر عن معنى التضحية والعطاء والإخلاص لله ،{فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} ولا تعرضوا لهم بسوء .وربما نستوحي من هذه الفقرة ،أن على المسلمين إذا أخذوا المشركين ،أن لا يبادروهم بالقتل ،بل ينبغي لهم أن يدخلوا معهم في حوارٍ جديد حول التزامهم بالإسلام وتراجعهم عن خط الشرك ،وذلك كآخر محاولةٍ في هذا الاتجاه ،فإذا أذعنوا وتراجعوا عما هم فيه ،فلا سبيل لهم عليهم ،ما دام الله قد قبلهم وأدخلهم في أمانه وشملهم برضوانه{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .