الاعتذار غير المشروع
{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ} يملكون المال الذي يستطيعون معه أن يحققوا لأنفسهم كل وسائل المعركة ،ويزيلوا كل الحواجز التي تفصلهم عن الوصول إلى الهدف ،في ما يحتاج الأمر فيه إلى مالٍ{رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ} العاجزين المتقاعدين أو المخالفين ،لأنّهم لا يملكون الطموحات الروحية والإيمانية التي يحصلون من خلالها على الدرجة العالية عند الله في الإيمان والجهاد ،لتحركهم خطوةً نحو بذل الجهد في اتجاه ذلك .{وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} فأغلقها عن كل وعيٍ وانفتاح وعمق ،من خلال سننه التي أودعها في حركة الإنسان في الكون ،التي تربط بين النتائج ومقدماتها ،فإذا أغلق الإنسان على نفسه نافذة الضوء التي تتدفق بالشعاع ،ومنع فكره من أن يتحرك في اتجاه المعرفة ،وأبعد روحه عن الاغتراف من ينابيع الإيمان ،وسدّ أذنيه عن سماع كل ما يوجهه إلى الهدى ويبعده عن الردى ،وأغمض عينيه عن رؤية كل ما يذكِّره بالله والخير والحياة ،فإذا عاش ذلك كله في النطاق الضيّق الذي يحبس نفسه فيه ،كان ذلك سبباً في أن يختم الله على قلبه ،لأن القلب لا يملك عند ذلك أيّ مجال للانفتاح .{فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} شيئاً من حركة المسؤولية وفاعليّتها وأريحيّتها ،فانغلقوا عن كل شيء من حولهم ،فلم يعرفوا الساحة في نتائجها المستقبلية ،ولم يفهموا قصة المصير في ما يعلمون وفي ما لا يعلمون .