وبهذه الآية يبدأ الجزء الحادي عشر من القرآن الكريم حيث يقول الحق سبحانه وتعالى:
{إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون}( التوبة: 93 ) .
في ختام التفسير للجزء العاشر
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ،اللهم ،لك الحمد حمدا كثيرا طيبا طاهرا مباركا فيه ،كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .
والصلاة والسلام على سيدنا محمد ،اللهم ،صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فهذا ختام الجزء العاشر من القرآن الكريم ،أسأل الله تعالى أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه ،اللهم ،إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نلمه ،ونستغفرك لما لا نعلمه .
اللهم ،ارزقنا حسن النية ودوام العافية وشكر النعمة ،واهدنا لصالح الأعمال ؛لا يهدي لصالح الأعمال إلا أنت .
{ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} .
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
أذان المغرب 23 ذو القعدة 1413 ه 14 مايو 1993 م .
{إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون 93} .
المفردات:
السبيل: الطريق .
الخوالف: المتخلفين .ويطلق أيضا على النساء والصبيان .وهو جمع خالفة .
وطبع الله على قلوبهم: ختم عليها حتى غفلوا عن وخامة العاقبة .
التفسير:
في الآية السابقة على هذه الآية رفع الله الحرج والإثم و العقوبة ،عمن تخلفوا بأعذار ،من الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا يجدون ما ينفقونه ،ثم بين سبحانه من يستحق المؤاخذة ؛فقال:
93{إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء ...} الآية .
أي: إنما سبيل المحاسبة والمؤاخذة ؛لمن تخلفوا عن الجهاد ولا عذر لهم ؛لأنهم قادرون بأشخاصهم على أداء هذا الواجب المفروض عليهم ؛فهم ليسو ا ضعفاء أو مرضى ،وهم قادرون بأموالهم على أن يجدوا الزاد والراحلة ،و السلاح وأدوات الجهاد ؛ولكنهم آثروا الدعة والراحة والسلامة لأنفسهم وضنوا بالمال والنفس عن الجهاد والبذل في سبيل الله .
فشتان بين من تخلف وهو مريض ،أو فقير عاجز عن الحصول على راحلة توصله إلى ميدان الجهاد إلى قائمة المتخلفين عن الجهاد من النساء والأطفال .
لقد قال سبحانه في الآية 91:{ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا انصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل} .
ثم قال سبحانه في الآية 93:{إنما السبيل على الذين يستئذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون} .
أي: إنما طريق العقوبة والمؤاخذة على الذين يستأذنونك في التخلف عن الغزو والجهاد ،وهم أغنياء ،قادرون على أن يجدوا ما يجهزون به أنفسهم .
{رضوا بأن يكونوا مع الخوالف} .
أي: رضوا لأنفسهم أن يقبعوا في المدينة ؛في جملة الخوالف من النساء والصبيان ،ومن لا يقوى على الجهاد إيثارا للسلامة والراحة والدعة .
{وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون} .
لقد خالفوا أمر الله ؛فخذلهم الله ،وسلب عنهم الهدى والتوفيق ،وطبع على قلوبهم فلم تقبل على الهدى ،ولم ترغب في الجهاد ،ولم تدرك فضل الجهاد وثوابه .و قريب من هذه الآية قوله تعالى:{بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} .( المطففين:14 ) .فهم عندما أعرضوا عن الله ؛سلب الله عنهم الهدى وأغلق قلوبهم عن التفتح لقبول الحق .
{فهم لا يعلمون} .ما فيه الربح لهم حتى يختاروه على ما فيه الخسران .