أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ؟
{أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} أيظن أنه الكلي القدرة ،فليس هناك مَنْ يملك القدرة عليه ؟فكيف يظن ذلك ،وهو يرى أن الله هو الذي خلقه ،وأنه لا يحصل على شيءٍ من متاع الدنيا أو من مواقعها إلاّ ليخسر شيئاً آخر ،لأنه لا يستطيع استيعاب حاجاته بالمطلق ،فإذا كانت له قدرةٌ معينةٌ ،فقد يجد أن للناس الآخرين قدرةً مماثلةً تتوازن مع قدرته ،أو تزيد عليها ،لتمنعه من تحقيق ما يريد ،وقد يجد أن هناك من الأشياء الكونية أو غير الكونية مما لا يستطيع الناس تحقيقه وإيجاده أو منعه ،فيفكر أن قدرة الله وحدها هي التي تملك تحقيق ما لا يستطيع الناس جميعاً أن يحققوه .
ولكن مشكلة هؤلاء أنهم يستغرقون في الغفلة وفي الوضع الذاتي الذي يحيط بهم ،فيتصرّفون في الأمور كما لو كانوا وحدهم ،ويعالجون القضايا كأن الله لا يراهم ،فيلعبون لعبة الاستخفاء بما لا يخفى عن الله أو عن الناس ،ويتحدّثون عن التبريرات الساذجة لانحرافاتهم كما لو لم يكن هناك من يعلم أسرارهم .ومن هؤلاء ،هذا النموذج الذي عاش بعض أفراده في زمن الدعوة الأوّل ،وهم الذين كان يقال لهم: أنفقوا على من حولكم ممن يحتاج إلى المعونة ،فكان الواحد منهم يعتذر عن ذلك بأنه أنفق مالاً كثيراً ،فقد أدى واجبه ،فليؤد غيره هذا الواجب الجديد ،لأن استمراره في الإنفاق يقوده إلى نفاد ماله وإلى الفقر .