/م51
55 ،56 - أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ .
أنما نمدهم به: م نعطيهم ونجعله مددا لهم .
بل لا يشعرون: أن ذلك استدراج لهم ،وإنما هم كالبهائم لا فطنة عندهم ولا شعور ليتأملوا فيعلموا أن ذلك الإمداد استدراج .
أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد لكرامتهم علينا ،ومعزتهم عندنا ،كلا ليس الأمر كما يزعمون في قولهم: نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ .( سبأ: 35 ) .
لقد أخطأوا في ذلك وخاب رجاؤهم ،بل إنما نفعل ذلك استدراجا ،وإنظارا ،وإمهالا .
بَل لَّا يَشْعُرُونَ .
لا يحسون ولا يعلمون أن ما هم فيه من نعمة ومال وبنين إنما هو اختبار وابتلاء واستدراج ،وأخذ بأيديهم إلى العذاب .
كما قال تعالى: فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ...( التوبة: 55 ) .
وقال تعالى: فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ .( القلم: 44 ،45 ) .
أخرج أحمد ،والطبراني ،والبيهقي في شعب الإيمان ،عن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب ،وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج )xx .
والخلاصة:
أن هذا الإمداد للكفار ليس إلا استدراجا لهم إلى المعاصي ،واستجرارا إلى زيادة الإثم ،وهو يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات إكراما لهم ،وتعجيلا للثواب قبل وقته .
روى الإمام أحمد ،عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إن الله قسم بينكم أخلاقكم ،كما قسم بينكم أرزاقكم ،وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ،ولا يعطي الدين إلا من أحب ،فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ،والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ،ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه ،قالوا: وما بوائقه يا رسول الله ؟قال: غشمه وظلمه ،ولا يكسب عبد مالا من حرام ،فينفق منه فيبارك له فيه ،ولا يتصدق به فيقبل منه ،ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار ،إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ،ولكن يمحو السيئ بالحسن ،إن الخبيث لا يمحو الخبيث ) .