/م36
سبب النزول:
ذكر الواحدي في سبب نزول قوله تعالى: أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم .
قال: كان المشركون يجتمعون حول النبي صلى الله عليه وسلم ،يستمعون كلامه ،ولا ينتفعون به ،بل يكذّبون به ويستهزئون ،ويقولون: لئن دخل هؤلاء الجنة ،لندخلنّها قبلهم ،وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم ،فأنزل الله تعالى هذه الآية .
التفسير:
38 ،39- أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم* كلاّ إنّا خلقناهم مما يعلمون .
تجاوز الكفار حدودهم حين قالوا: لئن دخل أتباع محمد الجنة ،وهم فقراء بسطاء ،لندخلنّها قبلهم ،فنحن أفضل منهم في الدنيا ،وسنكون أفضل منهم في الآخرة .
وكان جواب القرآن لهم:
كلا .حرف ردع وزجر .
لقد خلقنا الناس جميعا من منيّ يمنى ،أي أن الله سوّى بين الناس جميعا في الخلق ،وترك لكل إنسان العقل والإرادة ليسك طريقة في الدنيا عن قصد وإرادة واختيار: فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا* فإن الجحيم هي المأوى* وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى .( النازعات: 37- 41 ) .
وفي الحديث الشريف: ( الخلق كلهم عيال الله ،الله ربّهم وهم عباده ،يتفاضلون عنده بالتقوى ،ويدركون ثوابه بالعمل الصالح ) .
وقال تعالى:{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} ( الحجرات: 13 ) .
وخلاصة المعنى:
أيطمع هؤلاء الكفار –وحالتهم واضحة من الكفر والتكذيب لرسولي- أن يدخلوا الجنة ؟كلا ،إن أعمالهم تقودهم إلى جهنم ،لقد خلقناهم مما يعلمون ،من نطفة مزرة ،ليعملوا ويطيعوا ،فتكبّروا وأعرضوا ،فصاروا أهلا للنار لا للجنة .
أخرج أحمد ،وابن ماجة ،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تعالى: ابن آدم ،أنّى تعجزني وقد خلقتك من نطفة مزرة ،حتى إذا سوّيتك وعدّلتك مشيت بين بردين ،وللأرض منك وئيد ،فجمعت ومنعت ،حتى إذا بلغت التراقي أتى أوان الصدقة )xii .