{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: نخصّك بالعبادة ،ونخصك بطلب المعونة .والعبادة أقصى غاية الخضوع والتذلُّل ،لذلك لم يستعمل اللفظُ إلا في الخضوعِ لله تعالى ،لأنهُ مولي أعظم النعم ،فكان حقيقاً بأقصى غاية الخضوع .
أمرنا الله تعالى أن لا نعبد غيره ،لأنه هو الإلَه الواحد لا شريك له .وترشدنا عبارة{وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إلى أمرين عظيمين هما معراج السعادة في الدنيا والآخرة:
أحدهما: أن نعمل الأعمال النافعة ونجتهد في إتقانها ما استطعنا ،لأن طلب المعونة لا يكون إلا على عمل يود المرء أن يبذل فيه طاقته ،فهو يطلب المعونة على إتمامه .
وثانيهما: قصْر الاستعانة بالله عليه وحده .
وليس في هذا ما ينافي التعاون بين الناس .{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البر والتقوى} [ المائدة: 2] .فإن هذا التعاون في دائرة الحدود البشري لا يخرج عنها .
قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن ،وسرُّها هذه الكلمة{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ،فالقسم الأول من الآية تبرؤ من الشِرك ،والثاني تبرؤ من الحول والقوة ،وتفويضٌ إلى الله عز وجل .