{إياك نعبد وإياك نستعين} .لا نعبد إلا أنت ولا نستعين إلا بك .فأنت المستحق للعبادة ،وأنت نعم المولى ونعم النصير .
ومعنى العبادة خضوع لا يحد لعظمة لا تحد ،وهي تدل على أقصى غايات التذلل القلبي والحب النفسي والفناء في جلال المعبود وجماله فناء لا يدانيه فناء .
هي سعادة المؤمن بأنه يقف بين يدي الله خاشعا خاضعا عابدا متبتلا ،ذاكرا لآيات الله ،معتزا بصلته بالله مناجيا إليها سميعا بصيرا مجيبا .
والعبادة لله تحرر المؤمن من كل عبودية لغير الله ،لأنه يثق بأن الله هو الخالق الرازق المعطي المانع ،وأن بيده الخلق والأمر وأن أمره بين الكاف والنون:{إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}( يس: 82 ) .
وإذا صدقت عبودية المؤمن لله تحرر من عبوديته لكل العبيد ،فازداد عزا بالله وثقة به واعتمادا عليه ،وصار سعيدا بحياته راضيا عن سعيه ،واثقا بأن هناك جزءا عادلا في الآخرة .{فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره( 7 )ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}( الزلزلة7 ، 8 ) .
والمؤمن حين يقف بين يدي الله فيقول: إياك نعبد وإياك نستعين .يحس بسعادة أي سعادة ،حين يقف وهو المخلوق الضعيف ليخاطب الله القادر بقوله: إياك نعبد .فأنا عابد في محرابك مستعين بك في أموري كلها .
قول عبد الله ابن عباس وابن جرير الطبري:
1- عن ابن عباس قال: إياك نعبد .إياك نوحد ونرجو يا ربنا ونخاف وإياك نستعين: إياك
نستعين على طاعتك وعلى أمورنا كلها .
2- وقال الطبري:
معنى إياك نعبد: لك اللهم نخشع ونذل ونستكين إقرارا لك بالربوبية لا لغيرك ،ومعنى: وإياك نستعين .وإياك ربنا نستعين على عبادتنا إياك ،وطاعتنا لك في أمورناكلها لا أحد سواك ،إذ كان من يكفر بك يستعين في أموره بمعبوده الذي يعبده من الأوثان دونك ،ونحن بك نستعين في جميع أمورنا مخلصين لك العبادة .