جاءت هذا الآية متممة لقوله تعالى:{والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لأن كل شيء له ،وهو خالقه ،فهو العليم به ،له ما في السموات وما في الأرض ،وإن تُظهروا أيها المؤمنون ،ما في قلوبكم أو تكتموه عن الناس يجازكُم به الله يوم القيامة ،فهو{يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأعين وَمَا تُخْفِي الصدور} [ غافر: 19] والمعوَّل عليه في مرضاته تزكية النفوس وتطهير السرائر .
روى الامام أحمد ومسلم والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية{وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله} اشتدّ ذلك على أصحاب رسول الله ،فأتوا النبي وقالوا: لقد كُلِّفنا من الأعمال ما نطيق كالصلاة والصيام والجهاد والصدقة ،وقد أُنزلت هذه الآية ولا نطيقها .فقال النبي: «قولوا سمعنا وأطعنا وسلَّمنا » ،فألقى الله الإيمان في قلوبهم وأنزل{لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ...الآية} .فكانت الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين به .وصار الأمر إلى أن قضى الله تعالى أن للنفس ما اكتسبت من «القول والعمل » .
وهذا هو نهج الإسلام الصحيح العادل .
{فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} يغفر بفضله لمن يشاء أن يغفر له ،ويعذب من يشاء ،وهو تعالى على كل شيء قدير .
قراءات:
قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب{فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} برفع يغفر ويعذب كما هو هنا: وجزمهما الباقون عطفاً على جواب الشرط .