قوله تعالى:{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ...} [ البقرة: 284] .
إن قلتَ: كيف قال في الإخفاء{يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} مع أن حديث النفس لا إثم فيه ،للحديث المشهور فيه ،ولأنه لا يمكن الاحتراز منه ؟
قلتُ: ذلك منسوخ بقوله:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [ البقرة: 286] .
أو المراد بالإخفاء: العزم القاطع ،والاعتقاد الجازم .
أو ذلك إخبار بالمحاسبة لا بالمعاقبة ،فهو تعالى يخبر العباد بما أخفوا وأظهروا ،ليعلموا إحاطة علمه ،ثم يغفر أو يعذب فضلا وعدلا .
قوله تعالى:{فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ...} [ البقرة: 284] .
قدّم المغفرة في هذه السورة وغيرها ،إلا في"المائدة "فقدّم العذاب({[87]} ) ،لأنها في المائدة نزلت في حق السارق والسارقة ،وعذابهما يقع في الدنيا فقدّم العذاب ،وفي غيرها قُدّمت المغفرة رحمة منه للعباد ،وترغيبا لهم إلى المسارعة إلى موجباتها .