ثم بيّن الله في الآية للناس نعمة أخرى مترتبةً على خلْقهم وإيجادهم ،وهي أنه هو الذي تفضل على الخَلق ،فخلَق لمنفعتهم كل هذه النعم الموجودة في الأرض ،توجهت إرادته إلى السماء ،فجعل منها سبع سماوات منتظمات ،فيها ما ترون أيها الناس ،وما لا ترون ،والله محيط بكل شيء .
ولكلمة «استوى » عدة معانٍ ،فيقال: استوى الشيء أي ،اعتدل ،وسوّيت الشيءَ فاستوى: عدلته فاعتدل ،واستوى الطعام: نضح ،والعود: استقام ،والرجل: انتهى شبابه وبلغ أشُدَّه واستقام أمره .واستوى على دابّته: استقر ،وعلى سرير الملك: جلس واستولى عليه ،واستوى إلى الشيء: قصد .
يصح أن يراد بِ «سَبْع سماواتٍ » الطبقات المختلفة لما يحيط بالأرض .وذلك أن الله تعالى بعد أن أكمل تكوين الأرض ودبّت الحياة على سطحها ،كيَّف سبحانه جَوَّ الأرض المحيط بها بما يلائم هذه الحياة ،ويحفظها من أهوال الفضاء .وهكذا كانت طبقات الجو المختلفة ،ودوائر التأمين في الفراغ الكوني الذي يحدثنا العلم عن بعضها .والحق أن هذه الطبقات لم تُعرف إلا من جديد ،ولا يزال علم الفلك حتى الآن في طفولته ،فأنى لمحمد أن يعلم هذه الأمور إلا من الله العليّ الحكيم !لقد بعثه بالحق ،وأنزل عليه الوحي ،وعلّمه بالقرآن ما لم يكن يعلم .