وهؤلاء المتقون هم الذين وصفهم الله تعالى بقوله: الذين يؤمنون بالغيب الآيات 3-5:
الذين يصدّقون بما غاب عنهم علمُه ،كذات الله تعالى ،وملائكته ،والدار الآخرة وما فيها من بعث ،ونشور ،وحساب ،وجنة ،ونار .
ويقيمون الصلاة: يؤدون الصلاة المفروضة عليهم خاشعين لله ،وقلوبهم حاضرة لمراقبة خالقهم .وإقامة الصلاة توفية حقوقها وإدامتها .وقد أمر الله تعالى بإقامة الصلاة ،وطلب أن تكون تامة وافية الشروط ،فقال:{أَقِمِ الصلاة} ،و{والمقيمين الصلاة} ..وهذا يعني أنهم يوفونها حقها .وعندما ذم المنافقين قال:{فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} [ الماعون: 4] .وفي ذلك تنبيه على أن المصلّين كثير ،والمقيمين قليل .
وقد نوه القرآن كثيراً بالصلاة وحثّ على إقامتها في كثير من الآيات ،لأثرها العظيم في تهذيب النفوس ،والسموّ بها إلى الملكوت الأعلى .وسيأتي تفصيل ذلك في كثير من الآيات ...
{وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} الرزق كل ما يُنتفع به من المال ،والثمار ،والحيوان ،وغيره .والإنفاق: العطاء ..يعطون من أموالهم التي رزقهم إياها الله إلى المحتاجين ،من الفقراء ،والمساكين ،وذوي القربى ،واليتامى ،وأمثالهم .وكذلك ينفقون في سبيل الله ،للجهاد ،وفي الدفاع عن الوطن ،ولبناء المساجد ،والمدارس ،والمستشفيات ،ومساعدة كل مشروع فيه نفع للناس .فكما أن الله يرزقهم ،يجب عليهم أن ينفقوا ،لأن الدنيا أخذ وعطاء .والواقع اليوم أن كثيراً من الناس قد بات همهم جمعَ المال وتكديسه ،فأولئك ليسوا من المتقين .وآية الإنفاق هنا أن يكون في وجه الخير ونفع الناس ،أما على الترف والمباهاة وفي طريق السفه ،فإن الإنفاق تبذير ممجوج يمقته الله ،وعلى المسلمين أن يوقفوه ،ولو كان ذلك عن طريق العنف .
إن أموال الله التي في يد المسلمين هي لكافّتهم بالخير ،لا لقلتهم بالضلالة .