روى الإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم أن رسول الله سأل بعض أحبار اليهود عن شيء فكتموا حقيقته ،وأخبروه بغير الحقيقة ،وخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه ،واستحمدوا بذلك إليه ،وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه .وروى البخاري أيضا عن أبي سعيد الخدري أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله إلى الغزو تخلّفوا عنه وفرحوا بمقعدهم ذاك .فإذا قدم من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا ،وأحبوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا .فنزلت هذه الآية .
ولا منافاة بين الروايتين ،لأن الآية عامة في جميع ما ذُكر .وهي وإن كانت في اليهود والمنافقين ففيها ترهيب للمؤمنين ،وتنسحب على كل ما يجب أن يُحمد بما لم يفعل .وقد جاء عن النبي في الصحيحين:
«من ادّعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة » .
ومعنى الآية: لا تظننّ أيها النبي ،أن الذين يفرحون دائما بما يأتون من أفعال قبيحة ،ويحبون الثناء بما لم يفعلوه ،سيكونون في نجوة من العذاب ،فقد أعدّ الله لهم عذاباً عظيما يوم القيامة لا مفر منه .
قراءات
قرأ ابن كثير وأبو عمرو «لا يحسبن الذين يفرحون ...» بفتح الياء وضم الباء .