ثم يختم الله تعالى هذه السورة العظيمة بوصية للمؤمنين إذا عملوا بها كانوا أهلاً لاستجابة الدعاء ،وأحق بالنصر في الدنيا وحسن ثواب الآخرة .
يا أيها المؤمنون ،اصبروا على شدائد الدنيا وآلامها ،وألجِموا شهوات النفس وأطماعها ،واصبروا على انحراف الناس ونقصهم وسوء أعمالهم ،فالصبر شيء عظيم .ولقد حث الله تعالى عليه في نيِّفٍ ومائة آية من القرآن الكريم ،وما ذلك إلا لعلو منزلته ،وكونه من أكبر علائم النجاح في الدارين .
أما{وَصَابِرُواْ} فتعني: تحمَّلوا المكاره التي تلحقكم من سواكم ،وصابِروا الأعداء دون أن ينفذ صبركم على طول المجاهدة ،وسيكون لكم النصر بإذن الله .
{وَرَابِطُواْ} في سبيل الله ،وأصلُ المرابطة: الإقامة في الثغور على حدود الأعداء ومواقع الجهاد ،أما الآن فقد بات معناها الجهاد في جميع ألوانه والاستعدادُ له بكل ما ولّده هذا العصر من وسائل الدفاع والأسلحة الحديثة .
ما ترك الجهادَ قومٌ إلا وَقَرَنهم الله بالذل ،فلننظر إلى ما نحن عليه الآن من فرقة ونزاع واختلاف بين زعمائنا وحكامنا ،وما يصدر من بعضهم من تبجح وتصريحات ،فهل نحن في مستوى قضيتنا ؟؟
{واتقوا الله} والتقوى تصاحب ما سبق ،فهي الحارس اليقظ في الضمير تحرسه من أن يغفل ،أو يضعف ،أو يحيد عن الطريق القويم .فالصبر والمصابرة والجهاد بدون تقوى الله لا قيمة لها ولا فائدة منها .
{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} في الدنيا والآخرة ،نسأل الله تعالى أن يوفقنا لنكون من هؤلاء ،فنفوز مع الفائزين برضاه في الدارين ،وصدق الله العظيم .