200-{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} .
اصبروا: الصبر حبس النفس على المكاره .
ورابطوا: المرابطة ،الملازمة في سبيل الله .
يا أيها الذين آمنوا اصبروا .أي على المشقات والطاعات ،وما ينالكم من المكاره والشدائد .
وصابروا .أي غالبوا أعداء الله في الصبر على شدائد الجهاد ،ولا تكونوا أقل منهم صبرا وثباتا ،والمصابرة باب من الصبر .
ورابطوا .أي أقيموا على مرابطة الغزو في نحر العدو بالترصد ولاستعداد لحربهم قال تعالى: وأعيدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل .( الأنفال 60 ) .
والرباط مأخوذ من ربط الخيل وشدها .
وليس بلازم أن يكون الرباط بالخيل في كل حال او زمان أو مكان ،إذ المقصود رصد حركات العدو والتأهب لصده عن البلاد الإسلامية وليس بلازم أن يكون في أطراف الإقليم فحسب ،بل في أي مكان منه ،يمكن أن يصل العدو بطائرته إلى أماكن متعددة في وطن عدوه ،فالرباط في هذه الحالة ،يكون بالإقامة في كل مكان يظن ان يقصده العدو مع التأهب بكافة أنواع الأسلحة المضادة لهجومه أو استطلاعه ،واستعمال أحدث أنواع الأجهزة لرصده: أرضا أو بحرا أو جوا .
وجمهور المفسرين162 على أن المراد بالرباط في الآية هو الجهاد في سبيل الله ،وبعض المفسرين ذهب إلى أن المراد بالرباط والمرابطة هو المكث في المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة .
روى مسلم163 والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ،ويرفع به الدرجات ؟إسباغ الوضوء على المكاره ،وكثرة الخطا إلى المساجد ،وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ،فذلكم الرباط "164 .
وعند التأمل نجد ان الرباط يشمل الجهاد في سبيل الله وعلى وجه الخصوص حراسة الثغور وحماية الأماكن التي نتوقع فيها هجوم العدو عليها كما يشمل عمارة المسجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة .
على إطلاق الرباط على الجهاد أمر معروف مألوف كثير الورد وخاصة أن سياق السورة يرشح هذا المعنى لكن من إعجاز القرآن ان الكلمة تشير إلى معنى وتستتبع معنى .
***
وقد اورد المفسرون طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة من فضل الجهاد والرباط ،منهم ابن كثير فقد ساق ثمانية أحاديث نبوية شريفة عن فضل الجهاد وثواب المجاهدين عند تفسير الآية ،وقريب من ذلك ورد في تفسير القاسمي ،والتفسير الحديث .
فضل الجهاد
روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة165 إن أعطى رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس ،وإذا شيك فلا انتقش166 طوبي لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه ،إذا كان في الحراسة كان في الحراسة167 وإن كان في الساقة كان في الساقة وإن استأذن لم يؤذن له "168 .
***
وروى مسلمعن سلمان الفارسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ،وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعلمه ،وأجري عليه رزقه وأمن الفتان "169 .
***
وقال صلى الله عليه وسلم:"حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله "170