{وإن من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ،يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}
المفردات:
خاشعين لله: خاضعين له .
لا يشترون: لا يستبدلون .
التفسير:
199-{وإن من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترونبآيات الله ثمنا قيلا لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب} .
أي وإن من اليهود والنصارى لفريقا يؤمن بالله إيمانا حقا ،منزها عن الإشراك بكل مظاهره وما انزل إليكم من القرآن ،وما أنزل إليهم من التوراة والإنجيل ،ولا يزالون مع هذا الإيمان خاضعين لله ،خائفين من عقابه طالبين رضاه ،لا يستبدلون بآيات الله ،التي أنزلها في التوراة والإنجيل عوضا قليلا ،هو عرض من أعراض الدنيا الفانية لأن الثمن هذا المأخوذ قليل حتى ولو بلغ القناطير المقنطرة من الذهب والفضة .
فالآية وصفتهم بخمس صفات هي:
1- الإيمان بالله .
2- الإيمان بالقرآن .
3- الإيمان بالتوراة والإنجيل .
4- الخشوع والخضوع لأمر الله .
5- عدم التفريط في أحكام الله ،وعدم بيعها بأي عرض من أعراض الدنيا .
وقد ذكر القرآن ما يشبه هذه الآيات في كثير من سوره وذلك من إنصافالقرآن ،فهو كتاب حق أنزله الله الحق ،وقد نزل بالحق ،ليحق الحق ويبطل الباطل .
ويتبادر للذهن أن هذه الآية استهدفت الاستدراك على ما جاء في الآيتين 186-187 من التنديد بأهل الكتاب ،الذين يناوئون الدعوة النبوية ،ويؤذون المسلمين ويكتمون ما عندهم من البينات .
وقريب من هذه الآية قوله تعالى:{ليسوا سواء من اهل الكتاب امة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهو يسجدون ،يؤمنون بالليل واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين .( آل عمران 113-114 ) .
وفي تفسير الطبري والطبرسي والخازن وابن كثير وغيرهم من المفسرين ،روايات عديدة في مناسبة نزول هذه الآية وفيمن عنته ،منها انها نزلت في النجاشي ملك الحبشة ،ومن آمن من قومه بالرسالة النبوية فإن النبي لما بلغه موت النجاشي دعا إلى الصلاة عليه .فقال المنافقون: إنه يصلي على رجل من غير دينه ،فنزلت هذه الآية ،ومنها انها نزلت في عبد الله بن سلام ،أحد أحبار اليهود وغيره من أفراد اليهود ،الذين آمنوا بالرسالة المحمدية ،ومنها أنها نزلت فيمن آمن بهذه الرسالة من أهل الكتاب عامة .
وذكر المفسرون ان من اسلم من أحبار اليهود لم يبلغ عددهم عشرة وفيهم عبد الله بن سلام وزيد بن سعنة .
وأما النصارى فكانوا كثيرين ،فقد اسلم أربعون من أهل نجران واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من الروم .