بعد أن أرشدنا الله تعالى في الآية السابقة إلى بعض آياتِ علمه في خلقه ،نبهنا هنا إلى أن العليم بكل شيء ،لا يمكن أن يترك الناس سُدًى ،كما أنه لم يخلُقهم عَبَثا ،فلا يليق بحكمته وعدله أن يجعل الذين اجترحوا السيئات كالذين عملوا الصالحات ،ولا أن يسوّي بين الطيب والخبيث ،فيجعل البَرّ كالفاجر .لا بد إذن من الجزاء بالحق .ولا يملك الجزاء إلا من يقدر على العقاب كما على المغفرة والرحمة .لذلك جاءت هذه الآيات ترغيباً وترهيباً ،فقال:{اعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب وَأَنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ،فلأنه يعلم ما في السموات والأرض ،لا يخفى عليه شيء من سرائر أعمالكم وعلانيتها .ومن ثم فهو شديدٌ عقابُه لمن عصاه ،وواسعة مغفرته لمن أطاعه وأناب إليه .والله سبحانه وتعالى دائما يوعد ويَعِد ،والرحمة غالبة .لذلك يغفر كثيرا من ظلم الناس لأنفسهم{وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} .