ثم نهى الرسولَ أن يطيع المترفين من كفار قريش في شأن المستضعفين من المؤمنين .
فقال: لا تستجب أيها النبي ،لدعوة المتكبرين من المشركين ،فتُبعد عنك المستضعفين من المؤمنين .إنهم هم الذين يعبدون ربهم طول الوقت لا يريدون إلا رضاه .لا تلتفت يامحمد ،لدسّ المشركين عليهم ،فلست مسؤولاً أمام الله عن شيء من أعمالهم ،وليسوا مسؤولين عن أعمالك ،فإن استجبتَ وأبعدتَ المؤمنين ،كنتَ من الظالمين .
كان زعماء المشركين وكبراؤهم - أمثال أبي جهل وعُتبة بن ربيعة ،وشيبة بن ربيعة ،والحارث بن عامر ،وقرظة بن عمرو وغيرهم - كثيراً ما يتضايقون من المؤمنين المستضعَفين - مثل عمار بن ياسر ،وبلال ،وصهيب ،وخَبَّاب ،وسالم مولى أبي حذيفة ،وابن مسعود- وكانوا يطلبون من النبي أن يبعدهم عنه حتى يحضروا مجلسَه ويستمعوا إليه .
روى أحمد ،وابن جرير ،والطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: «مر الملأ من قريش على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده صُهيب وعمار وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين ،فقالوا: يا محمد ،أرضيتَ بهؤلاء من قومك ؟أهؤلاء مَنّ الله عليهم من بيننا ؟أنحن نكون تبعا لهؤلاء ؟أطردْهم عنك ،فلعلّك إن طردتهم أن نتبعك .
فأنزل الله تعالى فيهم القرآن:{وَأَنذِرْ بِهِ الذين يَخَافُونَ أَن يحشروا إلى رَبِّهِمْ ...إلى قوله أَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بالشاكرين} .
القراءات: قرأ ابن عامر: «بالغُدوة » والباقون ،«بالغَداة » .