الشيع: واحدها شيعة ،وهم كل قوم اجتمعوا على أمر .أو يلبسكم شيعا: يخلط أمركم خلط اضطراب فيجعلكم فرقاً مختلفة .
بأس: شدة .
نصرف الآيات: نحولها من نوع إلى آخر من فنون الكلام .
يفقهون: يفهمون .
بعد أن بيّن تعالى الدلائل على كمال القدرة الآلهية ،ونهاية الرحمة بعباده ،ذكر هنا قدرته على تعذيبهم إن عصوَه ،وأبان أن عاقبة كفران النعم زوالها .
قل أيها الرسول لقومك الذين لا يشكرون نعمة الله ويشركون معه غيره في العبادة: إن الله وحده هو الذي يقدر على أن يرسل عليكم عذاباً يأتيكم من أعلاكم أو من أسفلكم ،أو يجعل بعضكم لبعض عدوّاً ،وتكونون طوائف مختلفة الأهواء متناكرة ،يقتل بعضكم بعضا .
انظر أيها الرسول كيف دلّت الدلائل على قدرتنا واستحقاقنا وحدنا للعبادة ،ومع هذا لا يؤمن قومك بذلك !!
لا شك أن هذه الآية من معجزات القرآن الذي لا تفنى عجائبه ،فإن فيها نبأ مَن كان قبل الإسلام ،ومن كان زمن التنزيل ،ومن سيأتي بعدهم .
فهذه الحروب التي تشبّ في عصرنا فيها من الأهوال ما لم يسبق له نظير ،فقد أرسل الله على تلك الأمم المحاربة عذاباً من فوقها تقذفه الطائرات والصواريخ ،وعذاباً من تحتها تقذفه الغواصات من أعماق البحار ،وتهلك به مختلف السفن ،كما جعل أمم أوروبا شيعاً متعادية ،ذاق بعضُها بأس بعض فحلّ بها من القتل والدمار والتخريب ما يشيب له الأطفال .
وإذا نظرنا في أحوالنا نحن العرب والمسلمين ،نجد أننا يعادي بعضنا بعضا ونحترب ،فيما العدو مترّبص بنا ينتظر لينقضّ علينا ويلتهم ما يستطيع من أراضينا وبلادنا .وما ذلك إلا لأننا بعُدنا عن ديننا ،وغرّتْنا الحياة الدنيا ،فأصبحنا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون .
روى أحمد والترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية قل هو القادر ..الخ » قال: أما إنّها كائنةٌ ولَم يأتِ تأويلُها بعد ...» .