المفردات:
أو يلبسكم شيعا: أو يخلطكم فرقا مختلفة الأهواء ،كل فرقة تشايع هوى .
بأس بعض: البأس ،الشدة .
كيف نصرف الآيات: كيف نبين ونلون الحجج .
التفسير:
65- قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويضيق بعضكم بأس بعض وانظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون .هذا كلام مستأنف لبيان قدرة الله تعالى على إيقاعهم في المهالك وفيه وعيد ضمني بعذابهم إن بقوا على شركهم .
والمعنى:
قل يا محمد لهؤلاء الجاحدين: إن الله تعالى قادر على أن يرسل عليكم عذابا عظيما من فوقكم من جهة العلو ،كما أرسل على قوم لوط وعلى أصحاب الفيل والحجارة ؛أو من تحت أرجلكم أي من الجهة السفل كالغرق وخسف الأرض ،كما حدث لفرعون وقارون ،أو أن يخلطكم فرقا مختلفة الأهواء: تشايع كل فرقة رأيا وتناصره ،فتصبح الأمة في بلاء وجدال وصراع ،وفي خصومة ونزاع ،فينشأ القتال وتأكل الأمة بعضها بعضا ،ويضيق بعضها بأس بعض .
أنظر أيها الرسول الكريم – أو أيها العاقل ،كيف ننوع الآيات والعبر والعظات ،بالترغيب تارة وبالترهيب أخرى لعلهم يفقهون الحق ويدركون حقيقة الأمر ،فينصرفوا عن الجحود والمكابرة ،ويكفوا عن كفرهم وعنادهم .
وفي معنى هذه الآية قوله تعالى: أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا * أم أمنتم ان يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم خاسفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا .( الإسراء: 68 ،69 ) .
وعندما يجد الإنسان آثار الفيضانات أو الزلازل والبراكين ،أو آثار القنابل المهلكة أو تسرب الغاز السام من المعامل ،أو إخفاق صاروخ في الانطلاق إلى مساره ،أو الحروب التي يذيق الناس بعضهم بأس بعض يتبين جانبا من المعنى الإلهي في هذه الآية ،وأن الإنسان سيظل مربوبا لقدرة الله القادرة .
والآية خطاب من الله تعالى للمشركين ،لكن القرآن معناه عام ولا يحمل وعده أو وعيده على أناس بأعيانهم بل يشمل كل من يتأتى منه الخطاب إلى يوم القيامة .
وعن مجاهد إن الآية عامة في المسلمين والكفار .
وقد ورد في الأحاديث الصحيحة .أن الله تعالى قدا ستجاب لدعاء نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فحفظ الأمة المحمدية من العذاب الإلهي من فوقها أو من تحتها .
لكنه تعالى ابتلاها باختلافها شيعا ،وإذاقة بعضها بأس بعض عندما تستحق هذا الابتلاء روى البخاري ،عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال:
( لما نزلت هذه الآية: قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم .قال صلى الله عليه وآله وسلم ( أعوذ بوجهك ) ،أو من تحت أرجلكم .قال: ( أعوذ وجهك ) ،أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض .قال: ( هذه أهون وأيسر ) .
وروى مسلم بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( سألت ربي ثلاثا: سألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها ،وسألته ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها ،وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم ..فمنعنيها ) والمراد بالسنة القحط والجدب ( 101 ) .