إذا نودي للصلاة: إذا أُذّن لها .
فاسعَوا إلى ذكر الله: فامشوا إلى الصلاة .
وذروا البيع: اتركوه .
الحديثُ في هذه الآية الكريمة عن صلاةِ الجمعة ،وهي ركعتان بعد خطبتين يلقيهما الإمام ،وهي فرضُ عَين ،وقد ثبتت فرضيتها بالكتاب والسنّة والإجماع .
وتجب صلاةُ الجمعة على المسلم الحرّ العاقلِ البالغ المقيمِ القادرِ على السعي إليها ،ولا تجب على المرأة والصبيّ ،والمريضِ والمسافر ،وكلِّ معذور مرخَّص له في ترك الجماعة ،كعذر المطر والوحل والبرد ونحو ذلك ،
ولا تصحّ إلا جماعة .
وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل يوم الجمعة ،وفضل الصلاة فيها ،والحثّ عليها والاستعداد لها بالغسل والثياب النظيفة والطِّيب .
ويجوز للنساء والصبية أن يحضروا الجمعة ،فقد كانت النساء تحضر المسجدَ على عهد رسول الله وتصلّي معه .ومن صلى الجمعةَ سقطت عنه فريضة الظهر ،ومن أراد زيادة فليرجع إلى كتب الفقه .
{يا أيها الذين آمنوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الجمعة فاسعوا إلى ذِكْرِ الله وَذَرُواْ البيع}
يا أيها الذين آمنوا: إذا أُذَّن للصلاة يوم الجمعة فاذهبوا إلى المسجد لحضور الصلاة وذِكر الله ،واتركوا البيعَ وكلَّ عمل من الأعمال ،وامشوا إلى الصلاة بسَكينة ووقار ،ولا تسرعوا في مشيكم .والأفضلُ أن يبكّر الإنسان بالذهاب إلى المسجد ،فإذا لم يستطع فليمشِ الهوينا .فقد روى البخاري ومسلم عن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبةَ رجالٍ ،فلما صلى قال: ما شأنكم ؟قالوا: استعجلنا إلى الصلاة .قال: فلا تفعلوا ،إذا أتيتم فامشُوا وعليكم السَكينة ،فما أدركتم فصلّوا ،وما فاتكم فأتمّوا» .
{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}
ذلك الذي أُمِرْتم به أنفعُ لكم إن كنتم من ذوي العلم الصحيح ،فصلاةُ الجمعة عبادة من العبادات الممتازة لأنها تنظم المسلمين وتعوّدهم على النظام ،وفيها الخطبة فيها موعظةٌ حسنة وتعليم للمسلمين بما ينفعهم في دينهم ودنياهم .
روى الإمام أحمد عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من اغتسلَ يوم الجمعة ،ومسَّ من طِيب أهله إن كان عنده ،وليس أحسنَ ثيابه ،ثم خرج يأتي المسجد ،فيركع إن بدا له ،ولم يؤذِ أحدا ،ثم أنصتَ اذا خرج إمامُه حتى يصلي ،كانت كفارةً لما بينها وبين الجمعة الأخرى» .