/م9
التّفسير
أكبر تجمّع عبادي سياسي أسبوعي:
كانت الأبحاث السابقة تدور حول مسألة التوحيد والنبوّة والمعاد ،وكذلك ذمّ اليهود عبيد الدنيا ،بينما انصبّ الحديث في الآيات مورد البحث على الركائز الإسلامية المهمّة التي تؤثّر كثيراً على استقرار أساس الإيمان ،وتمثّل الهدف الأساس للسورة ،وهي صلاة الجمعة وبعض الأحكام المتعلّقة بها .
ففي البداية يخاطب الله تعالى المسلمين جميعاً بقوله: ( يا أيّها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) .
«نودي » من مادّة ( نداء ) وهي هنا بمعنى الأذان إذ لا نداء للصلاة غير الأذان .
وجاء في الآية ( 58 ) من سورة المائدة ( وإذا ناديتم إلى الصلاة اتّخذوها هزواً ولعباً ذلك بأنّهم قوم لا يعقلون ) .
فعندما يرتفع الأذان لصلاة الجمعة يكون لزاماً على الناس أن يتركوا مكاسبهم ومعايشهم ،ويذهبوا إلى الصلاة وهي أهمّ ذكر لله .
وعبارة ( ذلكم خير لكم ...) إشارة إلى أنّ إقامة صلاة الجمعة وترك المكاسب والعمل في هذا الوقت ،خير وأنفع للمسلمين من حطام الدنيا وملاذها الزائلة لو كانوا يعقلون .وإلاّ فإنّ الله غني عن الجميع .
هذه نظرة عابرة إلى فلسفة صلاة الجمعة وما فيها من فضائل سنبحثها تباعاً .
من الواضح أنّ لأمر ترك البيع والشراء مفهوماً واسعاً يشمل كلّ عمل يمكن أن يزاحم الصلاة .
أمّا لماذا سمّي يوم الجمعة بهذا الاسم ؟فهو لاجتماع الناس في هذا اليوم للصلاة ،وهذه المسألة لها تاريخ سنبحثه في النقاط القادمة .
ومن الجدير بالملاحظة أنّ بعض الروايات جاءت حول الصلاة اليومية «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة »{[5286]} .
وقد عبّرت الآية السابقة فيما يتعلّق بصلاة الجمعة بقولها ( فاسعوا ) لتعطي أهميّة بالغة لصلاة الجمعة .
المقصود من ( ذكر الله ) بالدرجة الأولى هو الصلاة ،ولكنّنا نعلم أنّ خطبتي صلاة الجمعة مشتملة هي الأخرى ومتضمّنة ( لذكر الله ) وهي في الحقيقة جزء من صلاة الجمعة .وبناءً على ذلك ينبغي الإسراع لحضور الخطبتين أيضاً .
/خ11