ومن يوقَ شحّ نفسه: ومن يحفظ نفسه من البخل .الشح: البخل مع الحرص .
ثم يعلّمنا وينبّهنا إلى أن نستيقظ ونعمل بقدر ما نستطيع فيقول:
{فاتقوا الله مَا استطعتم واسمعوا وَأَطِيعُواْ}
فالتقوى تكون بالعمل الصالح المفيد ،والانقياد لأمر الله والرسول .اهتدوا بهدي الإسلام أيها المؤمنون ،وجُودوا بالمال قبل أن تذهبوا ولا تأخذوا منه شيئا ،ويبقى للورثة يختصمون فيه .
{وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ}
هنا يكرر الأمر بالإنفاق من الأموال ،لأنكم أيها المؤمنون ستندمون إذا ذهبتُم وتركتم وراءكم الأموال مكدَّسة ،لم تنفعوا بها الفقراء والمحتاجين ،ولم تبذلوا منها للمصلحة العامة والجهاد في سبيل الله .
ثم زاد الحثّ على الإنفاق بأسلوب لطيف فقال:
{وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ المفلحون} .
والسعيدُ منكم أيها الناس هو الذي يتغلب على نفسه ويتقي بُخْلَها الشديد ،فينفق في سبيل الله ،وفي سبيل وطنه وأمته ،فيكون من المفلحين في الدنيا والآخرة .
أيها الناس ،إن الأغنياء في الغرب يُنفقون معظم ثرواتهم على عمل الخير ،على البحث العلمي الذي هو مفقود عندنا ،وعلى المستشفيات والجامعات والمصالح الخيرية .والأغنياء عندنا ينفقون على أنفسِهم ويبذّرون أموالهم في الأعراس والحفلات التي تُغضب الله ،وعلى ملذاتهم وشهواتهم ومقامراتهم ومغامراتهم مما لا يجدي نفعا .{إِنَّ المبذرين كانوا إِخْوَانَ الشياطين} [ الإسراء: 27] .